اتجاهات التفسير ومناهجه عند إباضية الجزائر

من القرن 13 هـ إلى أوائل القرن 15 هـ

د . دليلة بنت محمد بن عيسى خبزي

ترجع أهمية الموضوع أن للإباضية جهدًا كبيرًا في الدراسات التَّفسيرية سواء أكان تفسيرًا بالرواية أم بالدراية. ويعد عبد الرحمن بن رستم الإباضي (ت: 171 هـ/ 787م) أوَّلُ مفسِّرٍ جزائريٍّ، وهود بن محكّم الهواري من علماء القرن الثالث الهجري ثاني مفسِّرٍ جزائريٍّ، وهو إباضي أيضًا، وتفسيره كتاب الله العزيز من التفاسير الأولى التي ظهرت في أوائل عهد التدوين عند الإباضية، وهو كما قال محققه الأستاذ بالحاج شريفي: «أقدم تفسير جزائري وصل إلينا كاملا»؛ ثم يظهر تفسير أبي يعقوب الوارجلاني في القرن السادس الهجري (ت: 570 هـ)، وفي القرن الحديث يُوجَد (هميان الزاد إلى دار المعاد)، وكذا (داعي العمل ليوم الأمل)، وكتاب (تيسير التفسير)، وهذه التفاسير الثلاثة كلُّها لقطب الأئمة محمد بن يوسف اطفيش (ت: 1914م)، وتفسير (اليُمْن والبركة) للشيخ ابن ادريسو (ت: 1896م)، وتفسير: (القول الوجيز في كلام الله العزيز) للشيخ لعلي (ت: 1928م)، ومن التفاسير المعاصرة المهمة: تفسير (في رحاب القرآن) للشيخ إبراهيم بيوض (ت: 1981م)، الذي يغلب عليه الاتجاه التهذيبي الإصلاحي. وكذلك تفسير الشيخ كعباش، المولود سنة (1929م) الموسوم بـ: (نفحات الرحمن في رياض القرآن)، وقد ختمه يوم 11 جمادى الثانية 1436هـ الموافق لـ 11 أفريل 2015م وطبعت جميع أجزائه. من هنا ومن دوافع أخرى بدأت أشعر بهذا الموضوع: «اتجاهات التفسير ومناهجه عند إباضية الجزائر» وأصبحتُ أميل إلى معرفة أبعاده والوقوف عليه عندما بدأت أدَرِّس مادة مناهج المفسرين فلم أجد كتابا يتحدث بدقة عن منهج التفسير واتجاهاته عند الإباضية بصفة عامة؛ وإنما هي أفكار مبثوثة في كتب متعددة مما رغبني إلى رصد مناهج واتجاهات التفسير عند الإباضية ودراسة هذه الاتجاهات دراسة عميقة مستنيرة.

تساعد دراسة اتجاه التفسير على التعرف بعمق على خصائص التفكير الإسلامي لدى المفسر ومذهبه، وعليه فإن هذه الدراسة تأتي كمحاولة للتعرف على بعض الجوانب من تفكير الإباضية كمدرسة إسلامية لها خصائصها المتميزة.

ولا تزال كتب التفسير عند الإباضية إلى يومنا هذا غير معروفة لدى كثير من الناس، وهذا راجع لظروف اجتماعية وثقافية وسياسية وتاريخية يعلمها الدارسون في التفسير وغيره، وتأتي هذه الدراسة كمحاولة للوصول إلى مصادر الإباضية المباشرة والتعريف بها، وذلك في جانب من جوانب الفكر الإسلامي وهو التفسير.

ولقد رجوت من وراء هذا العمل أن أنبه الدارسين إلى هذا التراث التفسيري الإباضي المغمور لدي أغلب الناس.

ورجوت أيضا أن يكون هذا الجهد مرجعا يكشف للباحثين عن معالم اتجاهات ومناهج مُفَسّري الإباضية وطرائقهم التي يسيرون عليها في شرحهم لكتاب الله تعالى، تسهيلا لمن يريد أن يتصفح كتابا إباضيا في التفسير، وإظهارا للمنهج الذي اعتمده المفسر، من الأسباب أيضا الإسهام في إثراء المكتبة الإسلامية التفسيرية بوجهة نظر المدرسة التفسيرية الإباضية.

عن المؤلف

اسم الكاتب